هل النوايا تفسد الزواج؟ هل للزواج نية من الأساس؟ الحقيقة أن النية الطبيعية للزواج تكون الاستمرارية وإقامة حياة أسرية حقيقة ناجحة، ولكن هل يمكن لأحد أن يتزوج وهو ينوي على إنهاء العلاقة قبل حتى بدايتها، وإن كان ذلك فما حكم هذا في الشرع؟ إليك أهم التفاصيل حول الزواج بنية الطلاق فتابع القراءة..

تعريف الزواج بنية الطلاق

هو عقد زواج يتم بين الزوجين مع عقد نية الطلاق من البداية وقبل إتمام العقد، وذلك مع وجود نية مسبقة لدى أحدهما أو بالاتفاق بين كليهما للطلاق في المستقبل، بمعنى أن أحد الطرفين الزوج أو الزوجة، أو كلاهما لا يهدف إلى الاستمرار في العلاقة الزوجية، وحتى عند حدوث شيء محدد يتفق عليه بينهما.

هذا النوع من الزواج له أبعاد في الشريعة الإسلامية علينا التحدث عنها في السطور التالية، لأنه يتعارض مع الغرض الحقيقي من الزواج، الذي من المفترض أن يكون الأساس فيه الدوام والتعاون بين الزوجين. 

الزّواج في الإسلام

الزّواج في الإسلام هو عقد شرعي يتم بين كلا من الرجل والمرأة بهدف العمل على تأسيس أسرة مستقرّة تقوم على أسس المودة والرحمة التي يضعها الله في قلوب الأزواج، ويُعتبر الزواج في الإسلام أساس تعزيز الروابط بين الأفراد في المجتمع ويساهم في استقرار المجتمع، ومن الأمثلة البارزة على ذلك زواج الرسول من عائشة، والذي يُظهر القيم الإسلامية في بناء الأسرة على أساس الحب، التفاهم، والتربية الصالحة.

أهمية الزواج في بناء المجتمع

  • يُعد الزواج لبنة مجتمعية لبناء أسر قوية وحياة مستقرة، مما يؤدي إلى تنشئة جيل جديد تربى على أساس صحي وديني، حيث تُساهم العلاقات الزوجية الناجحة في تعزيز التفاهم والمحبة بين الزوجين، مما ينعكس إيجابيًا على تربية الأبناء واستقرار المجتمع.
  • الزواج يقوي من الروابط الاجتماعية وكذلك يخلق الزواج نوعًا من الترابط والتكافل بين أفراد المجتمع.
  • يُساهم الزواج في تقليل الفوضى الاجتماعية، التي تشمل على سبيل المثال انتشار الفواحش، وذلك من خلال تعزيز العلاقات المشروعة.

مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية

  • المقصد الأول من الزواج هو تكوين أسرة لبنتها الأساسية هي المودة والرحمة بين الزوجين، ولا يتحقق ذلك إلا بوجود صفات الزوج الصالح، مثل الصدق، المسؤولية، حسن المعاملة، والقدرة على تحقيق الاستقرار العاطفي والمادي للأسرة.
  • يُعتبر الزواج وسيلة لتنظيم مشروعة العلاقات بشكل شرعي، وبالتالي العفاف وتفادي المحرمات.
  • يُعزز الزواج من تقاسم المسؤولية بين الزوجين في تنشئة وتربية الأبناء ورعايتهم.
  • يعد الزواج في الإسلام وسيلة لتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لكل من الرجل والمرأة.

حكم الزّواج بنيّة الطّلاق

حكم الزّواج بنيّة الطّلاق هو مسألة حساسة تُثير جدلاً في الفقه التشريعي الإسلامي، حيث يتعارض هذا الغرض المؤسس من أجله الزواج مع الغرض الأساسي من الزواج في الشريعة الإسلامية، وعليك يا صديقي أن تعرف أن الزواج بتبييت النية على الطلاق يُعتبر غير مشروع، وذلك لأنه يتناقض مع قيم الاستقرار والاستمرارية والالتزام التي يفرضها الزواج في الإسلام، كما أنه قد يكون سمة من صفات الرجل الذي لا يصلح للزواج، حيث يفتقر إلى المسؤولية والجدية في بناء أسرة مستقرة.

حكم الزواج بنية الطلاق في المذاهب الأربعة

هل يجوز الزواج بنية الطلاق؟ الزواج بنية الطلاق عند الشافعية وباقي المذاهب اتفقوا أنه  حرام شرعا ولا يجوز إتمامه، معتبرين أن الأصل في الزواج يجب أن يكون قائمًا على النية الجادة للاستمرار وإقامة حياة كاملة، لأن الهدف من الزواج كما أسلفنا بالذكر التعمير والاستمرارية وليس الطلاق.

حكم الزواج بنية الطلاق عند الفقهاء

اختلف العلماء في حكم هذا الزواج اعتمادا على السبب في عقد هذه النية بين التحريم والجواز مع الكراهة، ويمكن تلخيص آرائهم كما يلي:

1. القول بالجواز (مع الكراهة)

  • رأي بعض العلماء (مثل بعض الحنابلة ):
    يرون بعض العلماء أن هذا الزواج يعتبر صحيحٌ شرعًا؛ وذلك لأن أركان الزواج فيه وكذلك شروطه متوفرة، وذلك لأن الزواج في هذه الحالة ليس فيه تصريح بشرط التوقيت أو كتابته في العقد، كما في الزواج المؤقت المعروف بزواج المتعة.
  • ومع ذلك فهو مكروه بإجماعهم من باب التدليس والخداع للطرف الآخر، لأنه قد يُسبب ضررًا يقع على الزوجة إذا لم تكن على علم بذلك.

2. القول بالتحريم

  • رأي جمهور العلماء (منهم ابن باز، وابن عثيمين وغيرهم من المعاصرين):
    الزواج بنية الطلاق ابن باز وعدد من العلماء الآخرين حرام شرعا، لأن هذا الزواج لا يجوز لكونه يشبه زواج المتعة في المقصد.
  • الزواج المبني على نية محددة بالطلاق، يُنافي مقاصد الزواج الشرعي المعهود والذي يقوم على أساس الاستدامة.
  • كما يعتبرون هذا الزواج نوع من الغش والخداع لكلا من المرأة وأهلها، وأنها لو كانت على علم بنيته ربما لم توافق عليه، وبالتالي هو محرم شرعًا.

الفرق بين الزواج بنية الطلاق والزواج الدائم

  • الزواج بنية الطلاق: يتم هذا النوع من الزواج بعقد مؤقت وغير جاد في الاستمرار، حيث يكون الأساس فيه هو الطلاق وهو أيضًا النية المبدئية، وبالتالي يكون غير مستقر ولا يحقق بأي شكل من الأشكال مقاصد الزواج الإسلامية، كما أنه قد يزيد من الخوف من الزواج لدى بعض الأشخاص، نظرًا لما فيه من عدم التزام واستغلال قد يؤثر على الثقة في العلاقات الزوجية.
  • الزواج الدائم: يُعتبر الزواج الدائم هو الشكل الطبيعي للزواج، عقدًا مستمرًا على أساس المودة والرحمة، ويهدف هذا الزواج إلى بناء أسرة مستقرة و تربية وتنشئة أبناء في بيئة صحية، ويجب أن يكون الزواج يحمل نية الأطراف كليهما في الاستمرار والالتزام.

حكم الزواج بنية الطلاق في السفر

حكم الزواج بنية طلاق مسبقة في السفر هو مسألة خلافية بين العلماء في الفقه الإسلامي، فقد تحدثنا عن أن الزواج بنية الطلاق حرام شرعا، فماذا إن كان ذلك في السفر، هل يكون له نفس الحكم الشرعي أم يختلف الأمر، هو ما نتحدث عنه في السطور التالية.

أسباب الزواج بنية طلاق مسبقة أثناء السفر

  • قد يلجأ البعض أحيانًا إلى هذا النوع من الزواج أثناء فترة السفر وذلك لأغراض مؤقتة، وتشمل هذه الأغراض الترفيه أو بغرض تجنب بعض الأوضاع الاجتماعية أو القانونية التي تتطلب أن يكون الشخص متزوجًا، وهو ما يثير الجدل حول مفهوم الزواج من أهل الكتاب، خاصة عندما يكون الزواج بنيّة غير معلنة للطلاق، مما قد يتعارض مع قيم الصدق والاستقرار في العلاقات الزوجية.
  • في بعض الحالات الغير قليلة أيضا، قد يكون الهدف من إتمام الزواج بنية مسبقة للطلاق هو أن يتجنب الشخص الوقوع في المعاصي والعلاقات المحرمة، خصوصا إن طالت فترة غياب الشخص عن بلده.

رأي الفقهاء في الزواج بنية الطلاق للمسافر

  • حكم الزواج بنية الطلاق عند الحنفية وكذلك عند باقي فقهاء وعلماء المذاهب الأخرى هو البطلان، فقد رأى العلماء بإجماع المذاهب الأربعة أن الزواج بنية غير الإستمرارية وبناء حياة طبيعية، هو حرام شرعا أيا كانت الظروف التي تدفع الشخص للقيام بذلك.

تأثير الزواج بنية الطلاق على الأسرة والمجتمع

  • الزواج بنية مسبقة للطلاق يساعد على تدمير مفهوم الاستقرار الأسري، الأمر الذي ينعكس بالسلب على كلا من الأبناء والزوجين.
  • يُعتبر هذا النوع من الزواج مخالفًا لكافة القيم والأخلاق التي حث عليها الإسلام، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الفوضى في المجتمع بمختلف طبقاته، وكذلك يزيد من معدلات الطلاق.
  • قد يتسبب الزواج بهذه النية في تدهور العلاقات الأسرية.

الفرق بين الزواج بنية الطلاق وزواج المتعة

التوقيت:

  • في زواج المتعة: يكون توقيت الطلاق مذكورًا في العقد بوضوح (مثل: لمدة شهر أو سنة).
  • في الزواج بنية للطلاق: لا يتم تحديد أو ذكر التوقيت الخاص بالطلاق في العقد، لكنه يكون موجود في النية الدفينة للزوج.

الحكم الشرعي:

  • زواج المتعة: محرم تحريم قاطع ويكون باطل عند أهل السنة.
  • الزواج بنية الطلاق: وهو محل خلاف بين جموع العلماء، ولكن الأرجح هو التحريم بسبب التدليس والخداع، وإن كان مشروعا فيكون مع الكراهة.

القصد من الزواج:

  • زواج المتعة: يكون المقصد من الزواج هنا هو الاستمتاع لفترة محددة، ويتم بعد ذلك الانفصال والطلاق تلقائيًا فور الوصول للمدة المحددة للعقد.
  • الزواج بنية للطلاق: يكون المقصد من طبيعة هذا الزواج هو إنهاء الزوج العقد متى قرر ذلك، ويتم دون إخبار الزوجة أو الاتفاق المسبق معها.

بهذه الطريقة التي أسلفنا في شرحها، يتضح أن الزواج بنية الطلاق حرام أو على الأقل مكروه في بعض المذاهب إن لم يكن زواج متعة صريحًا، لأنه مخالف لمقاصد الزواج الإسلامي الصحيح ولما فيه من خداع وتدليس، وهو سلوك قد يرتبط بـ الشخصية النرجسية والزواج، حيث يميل بعض الأشخاص النرجسيين إلى استغلال العلاقات الزوجية لمصالحهم الشخصية دون مراعاة مشاعر الطرف الآخر أو التزامهم بقيم الزواج الحقيقية.

أهم الضوابط الشرعية للزواج الصحيح

  1. تحقيق مقصد الزواج الأساسي: وهو الاستمرارية والاستدامة، وأن الزواج الهدف منه ليس مجرد الاستمتاع المؤقت.
  2. عدم الإضرار بالمرأة: الزواج بنية الطلاق ينطوي على خداع الزوجة، مما يجعله غشًا ومحرمًا في الشرع، وهو ما يثير الجدل حول بعض أنواع الزواج مثل زواج المسيار، حيث تُثار تساؤلات حول مدى تحقيقه لحقوق الزوجة واستقرار العلاقة الزوجية.
  3. عدم الدخول في نية التحايل: مثل التحايل من أجل الوصول إلى زواج المتعة بهذه الحيلة.

الخلاصة

تناولنا في هذا المقال مفهوم الزواج في الإسلام وأهميته في تأسيس وبناء المجتمع، حيث يقوم الزواج في الأساس على الاستقرار والتكافل، ويهدف إلى تحقيق قيم ومشاعر السكينة والمودة بين الزوجين، وذلك وفق مقاصد الشريعة الإسلامية.

يعرّف المقال الزواج بنية للطلاق على أنه عقد زواج تكون النية المسبقة فيه هي الطلاق لاحقًا دون إخبار الزوجة، وقد استعرضنا حكم هذا الزواج في المذاهب الأربعة، حيث يرى بعض العلماء صحته مع الكراهة، بينما الزواج بنية الطلاق عند المالكية وعدد من المذاهب الأخرى هو التحريم.

كما يناقش المقال أيضا الزواج بنية الطلاق أثناء السفر، مع سرد أسبابه وكذلك تأثيره السلبي على الأسرة والمجتمع، إضافة إلى الضوابط الأساسية التي قد تُطرح وتكون سببا لجوازه، مع التأكيد على تجنب الغش والخداع وكذلك احترام مقاصد الزواج الشرعي.

وفي الختام، يوضح الفرق بين زواج المتعة المحرم بإجماع العلماء، الذي يُحدد باعتماد مدة زمنية معلنة ومتفق عليها من الطرفين، والزواج بنية للطلاق المبيتة من طرف الزوج، الذي لا يُصرّح فيه بالتوقيت، لكنه يتشابه مع زواج المتعة في المقصد، الأمر الذي يجعله موضع خلاف فقهي.

إن كنت أحد الباحثين عن الزواج الشرعي الذي يرضاه الله ورسوله والاستفادة من نصائح للمقبلين علي الزواج او تتسألين كيف اتزوج بسرعة، فلا تتردد في البحث من خلال موقع ألفة، الموقع يوفر لك إمكانية البحث عن الشريك المناسب، كما يوفر لك الزواج على الشريعة الأسلامية، فم بضبط ملفك الآن وابدأ رحلة بحثك الآن.

الأسئلة الشائعة

هل يجوز الزواج بنية الطلاق عند ابن تيمية؟

يرى ابن تيمية أنه ليس حراما ولكنه مكروه لما فيه من خداع.